آخر الأكاذيب والإشاعات والتهم التي تلاحقني : “هروبي” من جبل المغيلة- عند زيارة عائلات العاملات الريفيات المتوفيات في الحادث المروّع – والحال أني ركبت سيارة الأمن أين لم تستطع السيارة العادية المرور وتوغلنا في طرق مستحيلة للوصول للعائلات وتقديم العزاء.
سألني أحدهم يوما: لماذا يلفّقون ضدّك كل هذه الأكاذيب التي لا يصدقها حتى السذّج، لماذا يكرهونك كل هذا الكره ؟
ثم بدأ يرّد بنفسه على السؤال مستعرضا دور الجهوية والطبقية والتعصب الإيدولوجي والسياسي والعنصرية والجهل والمال الفاسد وسوء الفهم والخوف والحسد…ولأنه صديقي أضاف : أحيانا بعض الأخطاء التي قد تكون ارتكبتها ، لكن ، لكن دوما عن غير قصد وبأحسن نية … الخ.
قلت له: كل هذا الكلام مثل الزبد فوق أمواج البحر…أما البحر الذي تطفو على سطحه رغوة التفسير والتبرير والتمويه والعقلنة فقوامه القوانين الأساسية التي سطّرها الخالق للكون.
لخّصتها يوما في ثلاث بعد أن انقضى العمر في اكتشافها ومحاولة فهمها… وخاصة في قبولها لأن القبول بها لم ولن يكون أمرا سهلا.
1-قانون لاو-تسو: لا وجود للحياة دون الموت ، للذكر دون الأنثى، لليل دون النهار، لليسر دون العسر، للجمال دون القبح …ومن ثمة للحبّ دون الكره. معنى هذا أنه :
-عندما يحبّك ناس فمن الضروري لتوازن كون -أهم خصائصه التناظرية La symétrie- أن يوجد آخرون يكرهونك.
-إذا تكاثر عدد محبيك، تكاثر ضرورة عدد كارهيك .
– إذا أحبك أحدهم حبا شديدا ثمة ضرورة شخص يكرهك كرها مرضيا .
حتى الرسل والأنبياء لم يستطيعوا الخروج من سطوة هذا القانون كما لم يستطيعوا الخروج من سطوة قانون الجاذبية.
2-قانون هيراقليط: لا شيء ثابت قار، كل شيء يتغيّر.
معنى هذا أن:
– من يحبونك اليوم قد يكرهونك غدا .
– من يضمرون لك حقدا مرضيا منذ عقود قد ينهضون صباحا وهم أرحم الناس بنقائصك.
3-قانون لورنتز: إنه القانون المشهور في علوم الطقس ومفاده أن رعشة جناحي فراشة في سماء الصين قد تحدث فيضانا في غابات البرازيل، ذلك لأن أمور العالم مترابطة ومتداخلة في شبكة علاقات مستعصية على الفكّ مما يجعل أبسط تغيير في طرف من الشبكة له تداعيات كبرى في الطرف الآخرمنها.
تطبيق القانون: تنازعت أفكار لا تعرف أين ومتى بدأت… مع أوهام مجهولة المصدر… تفاعلت هي الأخرى بألف طريقة وطريقة مع مخاوف يتردد صداها منذ قرون… وشاءت الأقدار أن تكون أنت واحدا مع ملايين تواجدوا في مرمى تلاطم الصدف مع الصدف ، فكرهك من كان بوسعه أن يحبك وأحبك من كان بوسعه أن يكرهك والمحدّد عامل برهافة شعرة إبان قبس من زمان رُمي إبانه النرد في هذا الاتجاه أو ذاك.
تمعّن في هذه القوانين الثلاثة .
سترى كم ستعينك على تثمين محبّة من يحبونك وتحمّل كره من يكرهونك وقد اتضح لك أن القصص التي نصنعها وتصنعنا لنشعر بضراوة وحلاوة تجربة العيش لا تكون إلا بوجود أحبّ ما نحبّ وأكره ما نكره.
ولا بدّ لليل أن ينجلي