ما نشهده في 2012 من انسحاب امريكي في أفغانستان بعد هزيمة واضحة وحرب عبثية يذكّرنا بنفس الانسحاب المهين من فيتنام سنة 1975
طبعا، الهزيمة ليست عسكرية. من يقدر على الانتصار على أقوى جيش عرفه العالم منذ وجد؟
إذن كيف كُسرت الشوكة الامريكية مرة من قبل شعب من الفلاحين في فيتنام ومرة ثانية من جبليين فقراء في أفغانستان؟
الردّ والدرس أن القيم الرخوة والإرادة الرخوة ولو مدعومة بآلاف حاملات الطائرات وكل صواريخ السماء والأرض لا تستطيع شيئا أمام القيم الصلبة والإرادة الصلبة متسلحتين بالبنادق البدائية وحتى دون أدنى سلاح –غاندي نموذجا-
لا أبعد مني عن الايدولوجيا الشيوعية والإسلام السياسي الطالباني ولا أحرص مني على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
لكن من أين لك أن تنكر أن هذه القيم كانت مدعاة للتشكيك والتنسيب والإضعاف والعالم يشاهد كيف حمت ولا تزال الإدارات الأمريكية كل الأنظمة المستبدة وكيف تآمرت على أنظمة جاءت بها الانتخابات الحرة والنزيهة مثلما حصل في إيران في الخمسينيات وفي الشيلي في السبعينيات.
ثمّ رأينا أي ديمقراطية فاسدة منبتة نتجت عن التدخل الأمريكي في العراق.
مثل هذه القيم ذات الوجهين والمكيالين لا تستطيع شيئا عندما ترتطم بقيم متينة صلبة مثل الوطنية والدفاع عن الأرض والعرض.
أضف عجز كل إرادة لا تتجاوز خطّا أحمر هو الحفاظ على حياة جنودها في مواجهة إرادة أصبح الموت هو طريق الخلاص والحرية.
درسان بليغان للإدارات الأمريكية المقبلة علّها تكفّ عن استسهال التحكم في الشعوب الفقيرة.
وبخصوص الديمقراطية كل المطلوب من أصدقائنا الأمريكان المحافظة عليها في بلدهم وقد رأينا في الانتخابات الأخيرة مدى الأخطار التي تهددها.
وإن تفضلوا علينا بشيء فبتركنا نتدبر تثبيتها دون وصاية أو تدخل.
وإن أرادوا فعلا إعانتنا فليكفوا عن دعم زبائنهم من أنظمة استبدادية مثل النظام المصري والسعودي والاماراتي ناهيك عن إسرائيل وسياسة الأبرتايد التي تمارسها.
الدرس الفيتنامي – الأفغاني موجّه أيضا لقوى صاعدة قد تصاب بنفس مرض الغطرسة والنتيجة دوما واحدة.
احذروا من الشعوب الحافية العارية.
إنها هي مستودع القيم البسيطة الصلبة والإرادة التي لا تلين لأنها لم تعد تخضع للمصالح والحسابات.
وضد هذه وتلك لا تنفع لا صواريخ ولا حاملات طائرات.
ولا بد لليل أن ينجلي