النقط على الحروف
الثلثاء 12 كانون الثاني (يناير) 2010
أجرى الحوار:الحبيب لعماري
س : د. منصف المرزوقي بعد ان نشكرك لتفضلك باجراء هذا اللقاء مع جريدة الفجرنيوز نود ان نسألك هذا السؤال كمدخل للحوار كنت قد صرحت في حوارك الاخير معنا بانك مع “بداية السنة المقبلة ستتخذ قرار بإعادة التموقع على خارطة النضال من أجل الاستقلال الثاني لتونس”. هل يتنزل مقالك ” لا حل في ” الإسلام هو الحل” في اطار اعادة التموقع؟
ج : لا ليس الأمر متعلقا بإعادة التموقع فهذا مقال لا يعني مطلقا أنني أتخلى عن فكرة التواصل مع أصدقائي من النهضة ومن الإسلاميين المعتدلين وما قصدته أنني أرغب في دور آخر داخل المؤتمر من أجل الجمهورية وداخل الحركة السياسية في تونس وقد علمتني التجربة المريرة أنه يكفي أن أقوم بمبادرة لكي تسعى بقية الأطراف لإفشالها لا لشيء إلا لأنها تأتي مني أو من المؤتمر.الحاجة لبناء الجبهة السياسية قد تتطلب أن أبعد عن السياسة المباشرة وأنا مستعد لهذا.
س :اثار مقالكم الاخير العديد من الاقلام تنوعت بين التعليق والمقال منها من ناقش الراي بالراي والفكرة بالفكرة ومنها من تحامل كيف ترون انتم الامر؟
ج :من محاسن الانترنت بالنسبة للصحافة المكتوبة إمكانية التعليق على ما تقرأ. تعودت قراءة الردود على المقالات التي تنشر،مثلا في الجزيرة نت،باهتمام أكبر أحيانا من المقالات ذاتها لأنها ثرية بالمعلومات عن نوعية القراء ، عن طريقة قراءة البعض، عما يمكن تسميته بالفكر العام ولا أقصد فكر العوام لأن في فكر الخواص كثير من العموميات .
أضيف هنا أنني عندما أقرأ الردود على كتاباتي فأساسا لتقييم درجة فهم ما أردت التعبير عنه علما أنني المطالب بالوضوح وليس القارئ المطالب بالجهد. أبحث أيضا بنهم عن نقد جدي يمكنني من مراجعة أفكاري وبالتالي تقويتها وحدث هذا أكثر من مرة في الماضي وهذا بالنسبة لي مكسب هام. هناك أيضا أحيانا تنبيه القارئ لا لخطأ وإنما لخطيئة كتقويل شخص ما لم يقله وآنذاك فإن النزاهة الأخلاقية تجبر على الاعتذار. لا غرابة أن أقرأ بكل اهتمام ردود الفعل على مقالتي الأخيرة ” لا حل في ” الإسلام هو الحل” باحثا عن الخطأ والخطيئة وكم تنفست الصعداء والقاضي الصارم الذي هو داخلي يصدر هذه المرة حكما بالبراءة .
صحيح ما قاله عماد الدائمي أن ردود الفعل المتشنجة على مقالي تبعث برسائل جد سلبية عن الإسلاميين. لكن حسب رأيي الأمر أخطر من هذا لأنها تدلّ على الهشاشة الفكرية والنفسية للبعض منهم لأن من يثق في نفسه وفي أفكاره وفي مستقبله لا يصاب بالهستيريا أمام أي مراجعة أو نقد. إنه قانون عام : من بيته ( الفكري والنفسي ) من حجر وأسمنت مسلح لا يخشى أن يرمى بالحصى لكن من بيته من الزجاج …….
س :كيف يمكن ان تقنع من يقرأ هذه الفقرة من مقالك(قد تكون الفرضية مغلوطة أو جسورا لكنني لا أرى سببا للانتشار السريع للإسلام في بدايته غير شعائر ذهبت بثوريتها إلى أبعد حدّ وربما أثارت تعجب وإعجاب من شاهدوها لأول مرة. تصوروا دهشة الفرس والهنود والصينيين أمام صلاة المسلمين: صفا واحدا الرؤوس مرفوعة تنبئ عن أنفة الإنسان. تخيلوا ذهولهم وهم يرونهم يخرون ساجدين لا لملك كما يجبرون عليه وإنما لملك الملوك انتصارا لفكرة ومبدأ.. وصاحب الأمر واقف يخرّ معهم ساجدا.) بانك تتحدث عن الاسلام السياسي المختلف فيه وعليه من داخله وخارجه وليس عن الدين الاسلامي ؟
ج :لا أفهم كيف فسّر هذا المقطع. قلت بوضوح أنني أناقش الإسلام السياسي ولكنني متمسك بدين الآباء والأجداد . فكرة عظمة طقوس الإسلام جاءتني وأنا أشاهد فيلما عن أباطرة الصين وكانت الكاميرا تظهر مطولا كيف كان الصينيون لا يتقدمون أمام ابن السماء إلا ووجوههم على الأرض . قلت يومها في نفسي أنظر الثورة الهائلة التي جاء بها الإسلام والإنسان لا يخرّ ساجدا إلا لربه وقلت في نفسي من الممكن أن هذه الروح التي ترفض السجود لملك هي التي سهلت قبول كل النفوس الأبية للإسلام . بصراحة لا أفهم أين هو سوء التعبير او النية .
منذ السطور الأولى نبهت أن المقصود بالحديث هو الإسلام السياسي أي المجموعات السياسية التي تسعى للسلطة أو تحكم ، باسم برنامج يستمد جذوره من العقيدة الإسلامية…..وليس الإسلام.
إما أن البعض لم يقرءوا الجملة أو أنهم تجاهلوها لأنهم يعتبرون أن الإسلام والإسلاميين شيء واحد وآنذاك فإن الخطأ والخطيئة منهم لا مني . من يصدق أن العائلة الحاكمة في السعودية أو المتعاملين مع الاحتلال في العراق أو القاعدة هم الإسلام وأن نقدهم خروج عليه ؟
كذلك نبهت أنني أتحدث من داخل المنظومة لا من خارجها ، لا بمعنى الانتماء والتجذر في الهوية العربية الإسلامية فليس لي ما أثبت في هذا الميدان ، وإنما ما قصدت أنني أنا والشيخ راشد الغنوشي في نفس الخندق ضد الاستبداد والاستعمار بما هما وجها نفس العملة وأنه لا علاقة لنقدي بالنقد من خارج المنظومة الذي لا يرى في الإسلاميين إلا متخلفين أو إرهابيين . إنه نقد الشريك لشريكه في أدائه للمهمة السياسية التي نناضل من أجلها جميعا وهي إنهاء الاستبداد والاستعمار.
أريد أن أذكر هنا بالنقد اللاذع للعلمانية لمفكر إسلامي مثل رفيق عبد السلام وأذكر أنني بعثت للمؤلف ببعض الملاحظات وقبلها بصدر رحب. لماذا لا يحق للعلمانيين نقد الإسلاميين دون أن يتهموا بأنهم يعدون العدة للرجوع على ظهر دبابات وردية ؟
س :عرف عنك انك استفزازي في أرائك وليس لديك خطوط حمراء على الاطلاق ؟
ج :تهمة أسمعها منذ الثمانيات . كانوا يتهمون مقالاتي في الرأي بأنها استفزاز للسلطة. في بداية التسعينيات كنت العروبي الوحيد الذي قال أن صدام سيقود العراق والأمة إلى الهاوية فاتهموني باستفزاز مشاعر الجماهير.الآن ها أنا أستفزّ الإسلاميين (الأخ نور الدين العويديدي تحدث بخصوص هذا المقال عن ” استفزاز”). المقولة الدائمة أن هناك خطوط حمر لا يجب أن أتخطاها .
الخطوط الحمر الوحيدة التي احترمتها دوما هي الأخلاقية : لا شتم ولا تحقير للخصم حتى إبان أصعب الأحكام ضده أما الخطوط الحمر في الفكر فأنا أرفض الاعتراف بها . مثل هذه الخطوط الوهمية هي مجرد خطوط دفاع تفضح ضعف أصحابها ومحاولتهم إبعاد النقد بالتخويف. بكل مودة أقول لنور الدين العويديدي أنني كنت دوما المستفزّ – بنصب الفاء- لا المستفز- بجرّها- . ما استفزني ولا يزال حالة شعبنا وحالة أمتنا وحالة معارضتنا وحالة النقاش الفكري في عالمنا العربي والإسلامي ونحن نتخبط في إشكاليات تجاوزتها أغلب الأمم الكبرى منذ ما لا يقل عن ثلاثة قرون.
س :أتهمت في مقالك الاخير ” لا حل في ” الإسلام هو الحل”بأنك تسخر من الاسلام دين اكثر من مليار ونصف مسلم في العالم؟
ج :لم أسخر أبدا من عقيدة فما بالك بالتي تلقيتها أثمن وديعة من الآباء والأجداد . لا ، كلامي ليس سخرية وإنما غضب ومرارة من الهوة بين وضعنا ووعينا به . نعم ما قيمة النقاش حول الخمار والأرض تحترق ؟ انظروا لما حدث في الدنمارك في الشهر الأخير ….شباب العالم هبّ لمصادمات مع الشرطة للاحتجاج على تقاعس السياسيين في اتخاذ الإجراءات الحازمة التي تحمي الأرض للأجيال المقبلة ….ومسلم تسلل لمحاولة اغتيال ذلك الشخص التعيس الذي ارتكب الرسوم المسيئة للرسول الكريم والذي ما كنا ننتبه أصلا لوجوده لو كنا أمة تفعل ولا تكتفي بردّ الفعل. من يعلم مثلا من الذين يكتبون الجمل المعسولة عن رفض ” المغالبة” والدعوة للحوار،كأنه عرض علينا يوما حوار ورفضناه ، أن بن علي سافر للباهاماس في طائرة خاصة وقضى عطلة رأس السنة في هذه الجنة الاستوائية وأن عائلاته العديدة سافرت بنفس الطائرات الخاصة لدبي وقبلها للمالديف وأن هذه العطل تتكلف مئات الملايين من الدينارات الكافية لإيجاد ألف موطن شغل للشباب العاطل . هم يعدون العدة لتوريثنا كالبقر ويغرفون كل يوم في المال العمومي ونحن نتخاصم على زعامات وهمية أو حول قضايا فكرية أو بخصوص حوار وهمي . مؤكد أنهم يضحكون منا ، لست من يلومهم ولو أنني واثق أنهم لن يضحكون طويلا.
شيء محبط آخر عندما تقرأ سجالاتنا الفكرية . ربما بدأ البعض يعون أن العالم مقدم على كارثة بيئية لكن من يعرف أن الناس تعمل على خلق أشجار اصطناعية لامتصاص ثاني أوكسيد الكاربون أو تدرس طرق رش سحب المناطق الاستوائية لتعكس أشعة الشمس ، أو تبحث في تنمية الطحالب في المحيطات عبر رشها بالحديد لتمتص هذا الغاز الذي هو بصدد القضاء البطيء علينا . عندما أقرأ عن الثورة الفكرية والتكنولوجية الثالثة أو الرابعة التي يمر بها الغرب والتي أصبح الهنود والصينيون شركاء فيها وأنظر لما يكتب عندنا أصاب فعلا بالإحباط ، لكني أعود للمبدأ الذي حركني دوما : العمل والأمل إلى آخر نفس والبقية على الله.
س :لماذا هذه الافكار والاراء الان ام انه منهج خالف تعرف أوكما قال احد الكتاب في رده على مقالك من اراد الشهرة من المسلمين وغيرهم وكسب ود اعداء الاسلام يهاجم الاسلام ؟
ج :في الثمانيات وفي تونس تحديدا كان هناك خصام فكري وسياسي ثري مع الإسلاميين توقف بحكم القمع الوحشي الذي تعرضت له النهضة .هذا القمع الذي طال الديمقراطيين والعلمانيين كما نبهت منذ بداية التسعينات وحّد القلوب ، لكن للأسف لم يبرز ستراتيجية واحدة لمقاومة الاستبداد . وهذه ظاهرة عربية وليست فقط تونسية. على مستوى الأمة قادتنا خيارات الإسلام المسلح ( مع استثناء المقاومة الشرعية للاحتلال في لبنان وفلسطين) إلى تقوية الاستبداد والاستعمار.
الدخولية التي اتسمت بها بعض الحركات الإسلامية هي أيضا قوّت الاستبداد . موقف حركة النهضة البالغ الحذر نتيجة التناقضات الكبيرة بين الداعين للمقاومة والداعين للاستسلام تحت مختلف المسميات وشللها الفعلي لا يخدم قضية التحرر الوطني .
من حقي كرجل سياسي أن أطرح هذه الإشكاليات التي طال التعتيم عليها بحكم رفض الانخراط في ستراتجية الاستعمار والاستبداد تجاه الإسلاميين ، لكن عندما تصبح استراتجية الإسلاميين هي نفسها إما جزء من ستراتجية الاستبداد والاستعمار أو تبقى عاجزة عن مواجهتها ، فإنه يجب إطلاق صرخة الفزع.
في آخر المطاف أنا وأمثالي لسنا مسئولين عن الحركة الإسلامية وإنما عن الأوطان التي يفترض أننا كلنا ومن جملتها الحركة الإسلامية في خدمتها.
س :اذا لم يكن في الاسلام السياسي الحل وذلك بعد توضيحك لما قصدته في مقالك هل تملك انت الحل اواي تيار سياسي أخر ؟
ج :فكرة في مقالي لم ينتبه لها كل نقادي وهي أنني لم أقدّم أي إيدولوجيا أو أي حزب سياسي كحل بديل عن الحل الإسلامي . بعد أكثر من ربع قرن في النشاط الفكر والسياسي وبعد قراءة مئات إن لم يكن آلاف الكتب والمقالات ونقاشات مع أبسط الناس وأكبر المفكرين والسياسيين، وصلت لقناعة أنه لا أحد يملك الحل لأزمات بمثل الخطورة التي نمرّ بها ومن يقول سواء كان إسلامي أو قومي أو اشتراكي أو ليبرالي أو ديمقراطي أنه يملك هذا الحل إما مخادع أو مخدوع.
عندما تتفحص الحلول المقترحة تجد أن كل واحد على صواب وعلى خطأ. الإسلامي على صواب عندما يقول أنه لا حلّ دون التجذر في الهوية وفي القيم ، لكنه مخطئ عندما لا يفهم أن هناك أمم أخرى لم تكتشف فقط الكهرباء وإنما اكتشفت طرقا أنجع للحكم ولا عيب في الأخذ بها مثلما لا عيب في الأخذ بالكهرباء….الديمقراطي على حق عندما يقول أنه لا حل دون الحريات الفردية والجماعية ، لكنه يخطئ عندما لا يفهم أن ديمقراطية دون عدالة اجتماعية مجرد سيرك انتخابي يحركه المال وينفض من حوله من هم بأمس الحاجة للديمقراطية….العروبي على حق عندما يقول أن أمة مفككة مجزأة إلى 22 دولة لا تساوي قلامة ظفر في عالم التجمعات الكبرى ، لكنه مخطئ عندما يجعل الوحدة تمر بالحزب الطلائعي والزعيم الملهم والمخابرات العتيدة …الليبرالي على حق عندما يقول أن الدولة ليست مؤهلة لإدارة الاقتصاد لكنه مخطئ عندما يتصور أنها يجب أن تغيب تماما وأنه ليس من دورها السهر على عدم تسليع التعليم والصحة وسحبهما من منطق السوق …الاشتراكي على حق عندما يقول أن ديمقراطية أو ليبرالية بدون عدالة اجتماعية هي تمتع الطبقات العليا بالخبز والحرية وترك الفتات لعامة الشعب لكنه مخطئ عندما نسي أن دكتاتورية البروليتاريا تنقلب بسرعة إلى دكتاتورية على البروليتاريا وأنه إذا كان الخبز أثمن من الحرية فالحرية هي الطريق إلى الخبز.
استعملت في مقالتي صورة عميان الأسطورة الهندية وكل واحد يعرّف الفيل حسب الجزء الذي جسّه . ثمة صورة سكان مدينة مترامية الأطراف. كل واحد منا يعرف منها الجزء الذي يسكن ولا يمكنه أن يحيط بتعقيد المدينة إلا إذا جلس مع الآخرين لرسم الخريطة العامة والمشاركة في تنظيم يرضي الأغلبية.
اليوم نحن في مثل هذا الوضع : تعقيد العالم تجاوز كل نظرية وتغييره عملية أكثر تعقيدا حيت تطلب تضافر كل الجهود وإلا فإنه محكوم علينا تجريب التداول على الفشل. لا شعبنا ولا أمتنا له ربع قرن يضيعه في تجربة إسلامية فاشلة بعد فشل الوطنيين والشيوعيين والقوميين . هذا ما أردت أن أنبه له . بالطبع الحلّ ليس في تركيب الحلول على بعضها البعض فهذا أمر مستحيل عمليا وإنما في ثورة في طريقة تفكيرنا
س : بعد كل هذا الجدل حول المقال ما هو العمل حسب رأيكم ؟
ج :المطلوب في تعاملنا مع أفكار الآخرين محاولة فهم أصحابها والانطلاق من كونها تعكس جزءا من الخطأ ومن الحقيقة تماما كما هو الأمر في أفكارنا. أنا أكره مثلا مفهوم التسامح بما فيه من غرور واستعلاء ، ما أؤمن به هو التلاقح أي أن نفتح عقولنا وقلوبنا لأفكار الآخر نأخذ منها لنزيد في فعالية تفكيرنا .
مفهوم آخر أصبحت ابغضه هو مفهوم الوحدة الوطنية أي اصطفوا كلكم ورائي انا الحزب الطلائعي الآخر وأنا القائد الملهم الجديد . ما يتطلبه الوضع اليوم على العكس القطع مع أحادية لم تجلب لنا إلا السجون والمنافي والتعذيب وحكم أجهزة المخابرات . ما نحن بأمس الحاجة إليه رفع شعار التعددية الوطنية أي التلاقي باختلافاتنا حول أهداف سياسية لننتهي من الاستبداد والاستعمار والتشمير عن ساعد الكد والجد لتجسير الهوة بيننا والأمم التي تحمل اليوم على كاهلها مصير عالم نتصرف فيه كأطفال متخلفين ذهنيا ولا يريدوا أن ينضجوا .
كل هذا غير وارد إلا بثورة ذهنية تكنس منهجيات فاشلة أوصلتنا إلى ما نحن عليه . المطلوب أن يكف الناس عن الخلط بين الأفكار والقيم. آمنت منذ عقود بأن على المرء ان يتمسك بقيمه تمسكه بجلده وأن يتعامل مع أفكاره كما لو كانت ثيابا داخلية والثياب الداخلية تتسخ وتبلى ولا بد من تنظيفها وأحيانا من رميها. بالطبع هذه الذهنية الجديدة هي دعامة ما دعوت وسأبقى أدعو إليه واناضل من أجله إلى آخر رمق : الجبهات السياسية من أجل إنهاء الاستبداد ومن أجل حكم يبنى على احترام التعددية الوطنية لا على وحدة كاذبة ومبنية على اللعنة الكبرى التي تلاحقنا من نظام لآخر: الوصاية والإقصاء.
س :هل من كلمة اخيرة الى الفرقاء السياسيين في تونس وخاصة النهضة والاسلاميين عموما ؟
ج :أنا مؤمن بأنني أقرب للشيخ راشد من أي علماني متفرنس يحتقر شعبه ولغته ودينه . جئنا من اتجاهين مختلفين وتلاقينا في الوسط على احترامه للديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وتشبثي بقيم العروبة والإسلام .
كل الذين يتشاركون في مثل هذا الخيار مطالبون ببناء جبهة سياسية للحكم وليس فقط للمطالبة بإصلاحات لا يريدها ولا يقدر عليها نظام فاسد ومتفسخ سواء في تونس أو في مصر أو في ليبيا . الإخوة الذين يراهنون على تغيّر في السلطة مخطئون ومن لا يتعظ بالماضي مجبر على تكراره فإلى متى نبقى نكرر نفس الأخطاء .
آن الأوان لجعل الأهداف السياسية المشتركة فوق الرؤى العقائدية المختلفة وآن الأوان لدفع جديد لفكرة وتنظيم المقاومة المدنية لأنه لا خيار لنا غيرها اللهم إلا إذا فضلنا أن نبقى متفرجين على من يصنعون التاريخ الكبير في العالم والقصص العفنة في بلادنا .
شكرا للدكتور منصف المرزوقي على رحابة صدره وتفضله بهذا الحوار مع جريدة الفجرنيوز