خطاب مؤتمر الحوار الوطني
الجمعة 17 أيار (مايو) 2013
السيد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل ، السيد رئيس المجلس التأسيسي ، السيد رئيس الحكومة ، السيدات والسادة أعضاء الحكومة والمجلس التأسيسي ، السيدات والسادة قيادات الأحزاب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ، الحضور الكريم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا جزيل الشكر للاتحاد التونسي للشغل الذي يثبت باحتضانه هذا اللقاء مرة أخرى أنه باق على العهد حاضر وفاعل في كل المحطات التاريخية التي يتقرر فيها مستقبل تونس .وكم يسعدني ويشرفني أن أكون معكم هذا اليوم الذي يدخل فيه الحوار الوطني مرحلة جديدة ستشكّل دفعا جديدا للحراك السياسي المبشّر بكل خير
فبعد انطلاق الحوار بين الأحزاب الذي دعوت إليه في منتصف أفريل المنصرم وبعد التئام اللقاء الذي نظمه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يوم 11 ماي، ها هي المحطة الثالثة تلتئم برعاية الاتحاد العام التونسي للشغل لمزيد من تعميق التفكير الجماعي وإنضاج المقترحات التي ستقدم للمجلس التأسيسي.
والحق أن الحوار الوطني لم يتوقف يوما حتى إبان الأزمات لأننا نعلم جميعا أن البديل الوحيد له هو التناحر المؤدي إلى العنف أي لتبديد طاقاتنا في ما لا ينفع مما يعني تزايد صعوبة العيش بالنسبة لشعبنا الذي ينتظر من قياداته أن تكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكل
أيها الاخوة والأخوات.
هذه الحلقة من السلسلة مؤشر إيجابي على أننا تقدمنا كثيرا في استبطاننا أن الطرف الآخر موجود شئنا أم ابينا ، أنه جزء من المجتمع شئنا أم ابينا ، أنه لن يختفي إن رفضنا وجوده أو أنكرنا عليه هذا الوجود، أن علينا تقديم التنازلات الضرورية لتحقيق أهداف مشتركة لا يختلف فيها اثنان ألا وهي الحفاظ على الوحدة الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية المتجذرة في قيمنا العربية الاسلامية وإعطاء دفع قوي للتقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والثقافي.
وعلى أهمية الحدث وقيمته الرمزية فإن شعبنا سيحكم على الحوار الوطني بنتائجه أي بقدرته على التجاوب مع أعمق انتظاراته. كما أنه سيحكم عليه بقدرة الأحزاب، التي برهنت إلى حد الآن على قدر كبير من المسؤولية، على الالتزام بنتائجه على أرض الواقع.
إن من يصغي لنبض الشارع ولضميره ولنداء الواجب يعرف أن ما ينتظره التونسيون والتونسيات ثلاثي تستعصي مكوناته على الفصل
1-خفض الاحتقان السياسي والاجتماعي،
2-الإسراع في إنهاء المرحلة الانتقالية الحالية
3-توفير أقصى قدر ممكن من الأمن.
أيها الاخوة والأخوات
تصوروا ما الذي يمكن أن يقع لو تواصل وتصاعد الاحتقان السياسي والإعلامي الذي لم يسلم منه إلى حد الآن أي طرف…تصوروا في أية حالة سنصل جميعا إلى الانتخابات وفي أي جوّ ستقام ….
إننا لن نتجه إلا لتفاقم وضع نفسي سيؤدي حتما إلى عنف جسدي كالذي راح ضحيته الشهيد شكري بلعيد والذي قد يقضي لا قدّر الله على كل فرصنا للنجاح في الانتقال الديمقراطي السلمي الذي نريده جميعا ويريده شعبنا حتى نستطيع التفرّغ لحل لمشاكله الاقتصادية والاجتماعية الخانقة .
إنني على قناعة أن أغلب الأطراف السياسية والاجتماعية تدرك اليوم أن المسّ من كرامة وهيبة ومصداقية الرئاسة والحكومة والمجلس التأسيسي والأحزاب والإعلام ، مؤسسات وأشخاص ، عملية تدميرية للطبقة السياسية وللتجربة الديمقراطية ككلّ. ففقدان التونسيين الثقة في طبقتهم السياسية وفي التجربة الديمقراطية وفقدان الاحترام لكل الفاعلين هو باب مفتوح على أخطر المغامرات.
إن دور القضاء كما هو الحال في كل البلدان الديمقراطية حماية شرف الأشخاص والمؤسسات ، لكن دور الطبقة السياسية بكل مكوناتها حث كل منخرطيها وتربيتهم على وضع حدّ للعنف اللفظي ولكل التجاوزات. لذلك تنتظر تونس من الحوار الوطني لا فقط توافقات على الدستور ورزنامة لكن أيضا وربما أساسا ميثاق شرف يمكّن كل الأطراف من النشاط بكل أمان وأن تستطيع غدا إن شاء الله أن تقوم بحملتها الانتخابية في كل شبر من تراب الجمهورية بكل طمأنينة، دون تهديد خفي أو واضح بأي شكل من اشكال العنف اللفظي أو المادي .
أجدّد هنا طلبي لكل الأحزاب بحماية بعضها البعض في بعض المناطق الحساسة حتى نعطي نحن التونسيون والتونسيات للعالم صورة مشرفة عما يمكن أن تكون عليه طبقة سياسية واعية ومسئولة وشعب متحضّر. وفي هذا الصدد أتوجه للمجتمع المدني بنداء حار لينخرط هو الآخر في أخلقة الصراع السياسي عبر بعث مرصد لتصرفات السلطة والأحزاب والإعلام قبل وأثناء الحملة الانتخابية وأن ينشر يوميا تقاريرا ضافية ليعرف التونسيون والتونسيات من يحترم نفسه ومن يحترم الآخرين ولكي يبنوا خياراتهم على هذه المعلومات الهامة لأن من يستعمل كل الوسائل للوصول للحكم هو بداهة غير جدير به .
إن حماية الثورة تعني أساسا تحقيق أهدافها في تركيز أسس دولة ديمقراطية تنطلق في أسرع وقت ممكن في حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في ظل أقصى قدر ممكن من التوافق. إن التوافق لا يتم فقط بين الأصدقاء وإنما خاصة بين الخصوم والمتنافسين. ونحن نعتقد أن العدالة الانتقالية التي طال انتظارنا لها، هي الكفيلة بحل تركة الماضي البغيض، وليست أية اجراءات أخرى قد تفهم أن الهدف منها هو إزاحة خصوم سياسيين.
أيها الاخوة والأخوات
الطلب الثاني الملحّ لكل التونسيين والتونسيات الذي يجب أن يستجيب له الحوار الوطني هو إنهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن.
أقولها بكل وضوح : بقدر ما تطول المرحلة الانتقالية بقدر ما يتأخر الاستقرار والاستثمار . لذلك أهيب بكل الأطراف السياسية وبالمجلس التأسيسي إلى جعل نهاية السنة الحالية الأفق الذي لا تجاوز له للانتخابات الرئاسية والتشريعية تتلوها مباشرة أي في بداية سنة 2014 الانتخابات البلدية التي أكرّر أنها لا تقل لأهمية عن الاستحقاقين الأولين حيث هي ركيزة الديمقراطية القاعدية التي بدونها لا معنى للديمقراطية.
للوصول إلى هذا الهدف ، لا خيار لنا غير تعليق كل المشاكل الثانوية للتفرغ لإنهاء الدستور قبل نهاية شهر جويلية وإنشاء اللجنة المستقلة للقضاء العدلي واللجنة المستقلة للانتخابات على أن تقبل هذه اللجنة الأخيرة أن عليها العمل ليلا نهارا وأن علينا توفير كل الامكانيات لها لكي تختصر زمنا غير قابل للتمطيط، ذلك أن الأمن القومي لتونس هو الرهان.
أيها الاخوة والأخوات
الحاجة الثالثة التي يجب أن يساعد الحوار الوطني على تلبيتها هي طبعا تحقيق الأمن ومن شروطه الأساسية رص صفوفنا جميعا مهما كانت اختلافاتنا في وجه تفاقم ظاهرة التشدّد الديني الذي يستهدف استقرار بلادنا وصورتها ونمط عيشها وإسلامها المعتدل المتسامح الذي يفترض فينا تصديره بدل استيراد أكثر أنواع التدين تخلفا وعنفا .
لا يخفى على أحد أن تونس اصبحت دولة مهددة بالإرهاب وجلّه مستورد من مناطق اللاستقرار القريبة والبعيدة . وفي هذا الصدد اسمحوا لي أن اضع النقط على الحروف :
1 – شعبنا، وإن كان متجانسا، تعدّدي ككل الشعوب وتعدديته هذه جزء من ثرائه وهي طبيعة قارة فيه ولا مجال لإنكارها أو محاولة قمعها بأي صنف من أصناف العنف ، لذلك أقول أن علينا قبول الآخر أكان حداثيا أو إسلاميا أو سلفيا دون شيطنته أو اعتباره حدثا طارئا يمكن التخلص منه أو محاولة إبقائه في وضعية دونية، فلكل التونسيين تحت راية العلم الواحد ، نفس الحقوق والواجبات ومن ثم لا أفهم أن يمارس أي نوع من التمييز على مواطنين ومواطنات بسبب طريقة ممارستهم لدينهم أو ألبستهم ولا أفهم ولا أقبل أن تمنع فتاة منقبة من اجتياز الامتحانات الجامعية وأن نرتهن حسن سير هذه الامتحانات بعناد مقابل عناد وتصلب مقابل تصلب وتعصب مقابل تعصب.
2- إن الدولة تعترف بحق الضمير واللباس للجميع وبحق كل التونسيين حتى الذين يصنفون أنفسهم كسلفيين في أحزاب سياسية تنشط في العلن وفي إطار القانون. لكن في المقابل على الجماعات السلفية أن تقبل بنفس الحقوق لبقية التونسيين وإن ارتأت الدعوة لطريقتها في فهم الإسلام وممارسته فيجب أن يكون ذلك بعيدا عن منطق الإكراه.
3-إن الدولة مقرة العزم على اعتبار السلفية ظاهرة مجتمعية يتعين إدماجها في النسيج الوطني الذي لا يقصي إلا من يقصي نفسه ، لكنها لن تقبل منها الازدواجية وفي هذا الصدد أنتظر من شيوخ السلفية في بلدنا إدانة واضحة للإرهاب ولافتكاك الجوامع بالقوة ، ولتكفير الناس ، ولممارسة العنف إبان التظاهرات ، ولادعاء تعويض أجهزة الأمن ، ولتحدّي الدولة خاصة لإنزال العلم المفدى ورفع علم غريب بدله. فهذا وطن واحد، ليس له إلا علم واحد وهو ذلك الذي مات من أجله الآباء والأجداد وأخيرا ثوارنا الأبطال، وإن والتعدي عليه إنزالا وحرقا وتعويضا جريمة في حق كل الشهداء الذين ضحوا من أجله وهي جريمة نكراء يجب أن تلقى أشدّ الإدانة من قبل الشعب وأشدّ العقاب من قبل القانون.
4- إن الدولة مقرة العزم على مقاومة هذه التجاوزات والتصدي بقوة للشق العنيف من هذه الظاهرة وذلك بكل الوسائل العسكرية والأمنية التي تمتلكها ، كل هذا في إطار القانون واحترام الحرمة الجسدية والحقوق الإنسانية حتى بالنسبة لمن لا يعيرون أدنى قيمة لهذه الحرمة ولهذه الحقوق . نحن لن نكرّر سياسة الطاغية المخلوع لأننا دولة شرعية ، تسندها قيم ديننا الحنيف وقيم الانسانية وتحظى بوفاق سياسي عام وبدعم الرأي العام الوطني وبالتالي فإن حربنا ضد الإرهاب ستبقى دوما في حدود دولة القانون وهذه الحدود التي نرسمها لأنفسنا هي أمضى سلاح ضد مجموعات فقدت كل الضوابط الأخلاقية والوطنية أي فقدت مقومات القوة الحقيقية في أي صراع سياسي.
وأريد هنا أن أثمّن عمل جيشنا العتيد وقوات الأمن التي تشكل الصرح الواقي للدولة كما أتقدم من جديد بأصدق عبارات المواساة لأهل شهداء الواجب متمنيا الشفاء العاجل لكل الجرحى ومؤكدا لهم أن الدولة لن تدخر جهدا ليسترجعوا صحتهم وأنها ستظهر لهم ما يستحقونه من تكريم وامتنان . أريد أيضا طمأنة التونسيين أن التمشيط الأمني والعسكري لم ولن ينتهي وأن الحملات على الجريمة والتهريب والتطاول على منشئات الدولة وقطع الطرق تتزايد قوة وفعالية وأن هناك نتائج ملموسة حتى وإن لم تقدّم على حقيقتها.
5- إن تحليل الظاهرة التكفيرية الإرهابية يكشف بسرعة أن وراء المساحيق السطحية للتشدد الديني تكمن إشكالية مجتمعية ضخمة. إن جزءا كبير من الشباب الذي التحق بالإرهاب هو شباب مرّ من خانة الجريمة والمخدرات والبطالة والسجن. هل تساءلنا لماذا شكل التشدد الديني والدخول في منظومة الإرهاب نوعا من تبييض الوضع الاجتماعي والانتقال الفوري من وضع دوني إلى توهم وضع فوقي ؟ هل تساءلنا لماذا عجزنا نحن في توفير فرصة لهذا الشباب لكي يجد في الديمقراطية وحقوق الإنسان كرامته وفرصة لإثبات الذات في مجتمع مفتوح على كل الآمال ؟ كم محزن أن البعض اختار طريقا مسدودا لن يفضي بهم إلا للتسبب في آلام عبثية لأنفسهم ، لأهلهم ، لضحايا أبرياء مثل أمهات وآباء وعائلات شهداء الواجب الوطني وهم،على سبيل الذكر لا الحصر، العقيد الطاهر العياري ، الرقيب وليد الحاجي ، الوكيل أنيس الجلاصي وآخر جرحانا في جبل الشعامبي : الرقيب علاء الدين الشارني، الوكيل محمد الشمنقي، الرقيب أنيس العابدي، العريف مراد الزايدي ، الرقيب وسيم البولاهمي ، الرقيب شكري العياري . أسماء كم مؤلمة وكم طويلة قائمتها لكنها لا تهمّ أناسا اختاروا طريقا مسدودا لن يفضي بهم إلا للقتل أو للموت بلا سبب يقبله عقل سليم وبلا نتيجة تستأهل ما يتصورونه تضحيات بطولية .
نعم كم مؤسف وكم محزن وكم مخجل أن البلد الذي صدّر للعالم صور ثورة سلمية أطاحت بدكتاتورية فاسدة بأقل ثمن إنساني وجيش مدني حمي المواطنين بدل إطلاق الرصاص عليهم وانتخابات نزيهة وحكومة ائتلافية بين قوى سياسية تتقاتل بضراوة في أمكن أخرى ، وحوار وطني لا يتوقف يبني دولة للجميع على أسس دستور وفاقي …أقول كم محزن أن مثل هذا البلد أصبح يصدّر أيضا شبابا يقتلون مدنيين في تفجيرات انتحارية عبثية في بلدان شقيقة أو يخططون للاعتداء على قطارات ملآنة بركاب مسالمين في بلدان صديقة وهم على أتمّ القناعة أنهم يجاهدون في سبيل الله والحال أنهم في قمة الخطأ والخطيئة.
وإنني من هذا المنبر أعبر عن أسفي العميق وعن اعتذاري لكل بلد صديق لحقه أذى بفعل إرهابيين لا يمثلون في شيء شعبنا المسالم وأخص بالذكر اشقائنا الجزائريين في حادثة عين أميناس . أما بخصوص من يدعون الجهاد في سوريا فإنني اقول لهم انتم مجرّد وقود لحرب أهلية طاحنة حذرنا من ويلاتها منذ البداية، أنتم وقود حسابات اقليمية ودولية تتجاوزكم. على النقيض من ذلك، يجب أن يشارك التونسيون بما يقدرون عليه في وضع حد لهذه الحرب حتى تنتهي محنة أهلنا في سوريا بحل سياسي في أقرب الأوقات. كما أعلن أن الدولة مقرة العزم على التصدي لظاهرة التوجه لساحات قتال خارج حدودنا نعرف أنها ستفرّخ لنا شبابا متزايد الانبتات عن وطنه قد يشكل غدا تهديدا قاتلا له.
ايها الاخوة والأخوات
إن بلدا يعيش 20 في المائة من مواطنيه، أي قرابة المليونين، تحت خطّ الفقر لا يمكن أن يعتبر نفسه وطنا للإنسان أو أن يفاخر بشيء، ولو بثورة أبهرت العالم
وأريد أن أكون هنا بالغ الصراحة بالتأكيد على أن اي حزب يدعي وحده معرفة التغلب على هذه الآفة التي تنخر مجتمعنا يغالط نفسه ويغالط الآخرين. إنها معضلة المعضلات وحلها لا يكون إلا بمكافحة برامجنا المختلفة وبنقاشها بروح عالية من المسؤولية والترفع على المزايدات ، كل هذا لنكتشف معا أحسن السياسات ولنطبقها معا. ففي الحرب ضد العدو الخارجي نجد أنفسنا جنبا لجنب تلقائيا لوعينا أن وجودنا جميعا مهدد واليوم كلنا مهددون بنفس العدو ألا وهو الفقر المشين وما ينتج من مصائب لن تفرق بيننا عندما يأتي زمن دفع ثمن الأخطاء والنواقص والحسابات الضيقة.
أيها الاخوة والأخوات
قناعتي أن طبيعة مجتمعنا وهذا الحوار السياسي والمجتمعي الفريد من نوعه في عالم اليوم وطبيعة الدستور التوافقي الذي سننجز قريبا إن شاء الله وتبعات القانون الانتخابي الذي بدأت تتضح ملامحه والذي لن يسمح بظهور قوة وحيدة غالبة وإنما سيتبلور عن تمثيل نسبي لأكبر القوى السياسية ، كل هذا سيقودنا حتما بعد الانتخابات إلى نظام سياسي قاعدته التعايش والشراكة ومن ثمة سيفرض حكومات ائتلاف ووحدة وطنية .
هذه الحكومات أيا كانت الأطراف السياسية التي ستكوّنها و أيا كان الأشخاص الذين سيسرونها ، سيواجهون بأضخم تحدي : إما تجفيف منابع الجريمة والإدمان والانتحار والهجرة السرية والإرهاب وإما بناء مؤسسات ديمقراطية هشة على أرض متحركة قد تميد بنا جميعا لنعود للفوضى ثم للاستبداد. قد يقال أنني أستبق الزمن وأن لنا ما يكفي من المشاكل الآنية لكنني أودّ التذكير أن كل مستقبل يصنعه الحاضر وأن علينا أن نستبق الزمن حتى لا نتخلف عنه.إنها تحديات كبرى تواجهنا ، لكننا قادرون على رفعها إن نحن تمسكنا بالمبادئ التي مكنتنا من النجاح في إسقاط الدكتاتورية .إن تونس تنظر إليكم وتنتظر منكم أن تقوموا بالدور الذي يجب أن تلعبوه على أحسن وجه. إلى حد الآن يمكن القول أننا بدأنا أحسن بداية وتواصلنا أحسن تواصل ، يبقى أن نختم أحسن ختام .
كل تمنياتي لكم بالتوفيق . تحيي تونس
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته