تكريما لأصدقاء تونس وللجمعيات الحقوقية الوطنية
خطاب بمناسبة الذكرى 64 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الاثنين 10 كانون الأول (ديسمبر) 2012
أيها السيدات والسادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .اسمحوا لي في البداية باسمكم وباسم تونس أن أرحب بضيوفنا الذين نكرمهم اليوم لوقوفهم معنا وبيننا في سنوات الجمر وكانوا أصدق دليل على أن عالمية حقوق الإنسان ووحدة الجنس البشري و التضامن بين مناضلي حقوق على المساهمة ليست شعارات جوفاء
Je voudrais commencer par souhaiter une très chaleureuse bienvenue aux amis que je ne qualifierai certainement pas d’étrangers tant ils nous été proches et le restent et ce par leur soutien fraternel aux pire moments de la dictature.
Vous avez été présents dans nos procès … présents dans les manifestations pour la liberté de la Tunisie et des Tunisiens …. Présents dans les actions de dénonciation diverses et variées alertant vos opinions publiques et vos gouvernements sur la vraie situation en Tunisie.
Ce faisant et sans le savoir vous avez protégé nos vies, vous avez écourté nos passages ont prison, vous nous avez donné encore plus de courage et de détermination à affronter la dictature, vous nous avez surtout redonné confiance en l’Homme, capable des pires turpitudes mais aussi des gestes et des actes les plus nobles.
A vous-mêmes, à tous ceux qui n’ont pu être là pour une raison ou une autre , à vos institutions, à vos sociétés civiles , à tous les héros anonymes qui se sont mobilisés pour nous que ce soit en écrivant une simple lettre ou en confectionnant une banderole ; à eux et à vous, la Tunisie reconnaissante vous dit simplement : merci .
أيها الاخوة والأخوات
كم يثلج الصدر أن نكون اليوم معا جميعا أن نحتفل بالذكرى الرابعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونحن أحرار في بلدنا وأن يكون احتفالنا هذا في عقر دار الدكتاتورية التي انتهكت كل حقوقنا الفردية والسياسية على امتداد عقدين من الزمن.
رحم الله الشهداء الأبرار وشفى جرحانا وبارك في كل التونسيين والتونسيات من كل الأجيال الذين ناضلوا طيلة ستة عقود لكي تكون لنا أخيرا دولة في خدمة الشعب لا شعبا في خدمة الدولة أي في خدمة نظام أي في خدمة مجموعات واشخاص استولوا على السلطة والثروة والاعتبار وتصرفوا معنا كقطيع من الرعايا لا كشعب من المواطنين. بديهي أنه لولا تضحياتهم ولولا دعم أصدقاء تونس الحقيقين لما كنا هنا ولربما واصلنا الاحتفال بذكرى الإعلان كما فعلنا طيلة العقود المنصرمة أي في الخفاء تحت الحصار والقمع.
إلا أن حجم تضحيات الأبطال المعروفين والمغمورين وحجم الدعم الأخوي الذي تلقيناه من المجتمعات المدنية الصديقة والشقيقة يحتّم علينا أن نكون في مستوى هذه التضحيات وهذا الدعم.
صحيح أن شعبنا يعيش اليوم متحرّرا من الخوف الذي جثم على صدره وأذلّه طيلة عقود.
صحيح أن ممارسة حرية التعبير والتنظم والتظاهر أصبحت اليوم القاعدة في حياة التونسيين
صحيح أن شعبنا أصبح سيد نفسه وذلك عبر نجاحه الباهر في تنظيم أولى انتخابات حرة ونزيهة منذ الاستقلال
لكن كم لا زلنا بعيدين عن تحقيق أهدافنا
كم لا يزال الطريق صعبا وشاقا ومحفوفا بكل الأخطار .
لا زالت أمامنا مجهودات كبرى لإقناع البعض أن الاعتراف في الدستور وبصريح العبارة بتمسكنا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبكونية القيم التي يدافع عنها وبعلوية القانون الدولي لا يشكّل تعارضا أو تنقيصا من قيمة الإسلام الذي وضعناه في الصدارة بجعله دين الدولة .
لا زالت أمامنا مجهودات كبرى لفرض تغيير في التصرفات وإن أمكن في العقليات داخل أجهزة الأمن. نعم ويا للعار ما زلنا -وفي ظل نظام سياسي يقوده مناضلو ومناضلات حقوق الإنسان منهم الكثير الذين تعرضوا للتعذيب- نعاني إلى اليوم من أقلية متخلفة ومجرمة لا تتورع عن مواصلة التعذيب وسوء المعاملة الموقوفين لأنها لا تتصور أن المحاسبة ستطالها كما ستطال من عذّبوا في العهد السابق .
لا زالت أمامنا مجهودات مصاعب كبرى لكي تصبح مراكز الإيقاف والسجون تلتزم بأقصى قدر ممكن من الشفافية ومن احترام القانون وعرضة في كل لحظة لمراقبة مؤسسات المجتمع المدني.
لا زالت أمامنا مجهودات كبرى لتغيير ترسانتنا القانونية وأساسا إلغاء قانون الإرهاب السيء الذكر وسنّ القوانين التي تفرض الشفافية على الإدارة والأحزاب ووسائل الإعلام والسلطة السياسية أكانت تنفيذية أو تشريعية أو قضائية لا زالت أمامنا مجهودات كبرى لبناء قضاء مستقل لا يكون تابعا بصفة خفية للسلطة ولا يكون أداة سياسية خبيثة بيد معارضيها.
لا زالت أمامنا مجهودات كبيرة لجعل مؤسسات المجتمع المدني لا الغريم الذي يخشى أو الطرف لذي يجب أن يستعمل وإنما العمود الفقري لدولة المواطنين ، الطرف الفاعل ، المستقل ، المحترم الذي يشرّك في أخذ القرار وتنفيذه وتقييمه.، الذي يلعب دوره الحيوي كواسطة بين الدولة والمجتمع والذي يكون له الحق في التمويل العمومي العادل والشفاف والحق في المشاركة
لا زالت أمامنا مجهودات كبرى لكي نستبطن أن الحقوق السياسية التي تضيف للنخب حقوقا جديدة لا معنى لها ولا قيمة في ظل الخصاصة والفقر والجهل والمرض وكل الآفات الاجتماعية التي تعاني منها شرائح واسعة من شعبنا…أن علينا أن ننظر لحقوق الإنسان لا فقط في كونيتها وإنما في شموليتها مما يعني أن علينا اليوم أكثر من اي وقت مضى وضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على رأس الأجندة .
إخواني أخواتي
لقد انتصرنا على الدكتاتورية ويبقى الأصعب والأهمّ ….أن ننتصر على أنفسنا …على أنفسنا الأمارة بالكسل ، بالتساهل، بالتبرير ،على أنفسنا التي قد تستسلم هي الأخرى لمنطق الدولة متناسين أنه ما غلّب منطق الدولة على الحقوق إلا وضربت الحقوق والدولة بنفس الكيفية.
رغم كل هذه المخاطر والصعوبات فإن ثقتي في الله وفي التونسيين تجعلني أجزم أننا سننجح إن لم يكن في تذليلها كلها فإننا سننجح في التغلّب على أكثرها لأننا اليوم في مرحلة من التاريخ تجعل ما كان من قبيل الحلم البارحة قابلا للتحقيق. وعلى كل حال فإن حقوق الإنسان ليس بيتا نصله لنرتاح فيه نهائيا وإنما طريقا نرسمه كل يوم ونعيد رسمه كلما هبت عليه الرياح.
المهمّ أن نبقى على الطريق وألا نخرج منه أبدا نجتث في كل لحظة الأعشاب المضرة التي تنبت باستمرار. فإلى الأمل وإلى العمل يا أبناء وبنات ثورة الكرامة لا توقفكم صعوبة ولا يفتّ في عضدكم إخفاق ننطلق منه لنجعل منه نجاحا جديدا.