المرأة المجهولة
الاحد 29 أيار (مايو) 2011
موعد الصباح
برج الرومي والمرأة المجهولة
يكتبه كمال بن يونس ـ
قصة ” المرأة المجهولة ” التي تحدث عنها الدكتور المنصف مرزوقي في شريط فيديو قبل الثورة أعيد بثه هذه الايام في ” فايس بوك” معبرة جدا.. القصة تهم والدة سجين سياسي التقاها الدكتور المرزوقي بالقرب من سجن برج الرومي في بنزرت وأوصلها معه الى العاصمة.
حدثته تلك “المرأة المجهولة” عن معاناتها ( وهي في العقد الثامن من عمرها ) بسبب تنقلاتها الاسبوعية بين جزيرة قرقنة فصفاقس ثم تونس وبنزرت وصولا الى ” جبل سجن برج الرومي ” محملة بـ” القفة “..وكيف كانت تحرم من الزيارة أحيانا..وكيف نقل ابنها على غرار كثير من رفاقه بين عدد من السجون لتعميق معاناة العائلات..وحرمانهم من الاستقرار في مدينة واحدة.. وسجن واحد.
القصة الدرامية اعتبرها الدكتور المرزوقي ـ الرئيس الاسبق لرابطة حقوق الانسان ـ عينة لآلاف من النساء اللاتي اضطهدن في العقدين الماضيين بسبب القمع الذي تعرض له ابناؤهن وازواجهن وآباؤهن..وعلق عليها باكيا :” تلك المرأة المجهولة واخواتها صمدن طوال عقدين على الظلم بين الزيارات المارطونية للسجون و”القفة “.
شهادة المناضل الحقوقي المنصف المرزوقي ودموعه في الشريط تؤكد مرة اخرى صدق إيمانه بالديمقراطية وقداسة القيم الكونية لحقوق الإنسان.. وتفسر لماذا أقصاه “الاستئصاليون” من رئاسة رابطة حقوق الانسان في 1994 مع نخبة من رفاقه كان من بينهم الدكتور مصطفى بن جعفر والسادة سهام بن سدرين وبن عيسى الدمني ونشطاء من الحزب الديمقراطي التقدمي وجناح بن جعفر في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والنهضة.. الخ والسبب إدانتهم للمحاكمات السياسية وللتعذيب الذي تسبب في سقوط 30 ألف موقوفا وسجينا.
تلك المواقف كلفت المرزوقي ورفاقه الديمقراطيين 17 عاما من المضايقات والتنقل بين مراكز الإيقاف والاعتقال والمنافي..فصمدوا مع نخبة الإعلاميين الشرفاء والحقوقيين النزهاء ممن لم يلعبوا “ورقة الإقصاء والاستئصال ” من بين رموز “أقصى اليمين وأقصى اليسار”.. والذين يحاول بعضهم اليوم المزايدة و”الركوب على الثورة “.
فعسى ان تكون قصة ” المرأة المجهولة” عبرة لساسة اليوم حتى يعملوا على انجاح مسار الاصلاح والديمقراطية..ويتجنبوا اجهاضه.لان الفشل يعني ان آلاف الامهات والزوجات والبنات سيتنقلن مجددا الى “برج الرومي”