في ” الفجر نيوز”
النظام المصري وليس مصر
الاحد 27 كانون الأول (ديسمبر) 2009
متى يكف الصحافيون والمحللون عن كتابة جمل لا معنى لها مثل : مصر تقيم جدارا فولاذيا …مصر تعزل غزة…مصر تبرر قرارها بالسيادة الوطنية …الخ.
ثمة في مثل هذه العنواين والتحاليل خطأ لا يغتفر، في أحسن الأحوال دليل جهل وفي أسوأها تواطؤ خبيث. فمصر هي مكانا أكثر من مليون كيلومتر مربع وزمانا أكثر من خمسة آلاف سنة وتمدنا هي تتابع أعرق حضارات الأرض وإنسانيا سبعين مليون نسمة هم حلقة من سلسلة الأجيال المتتابعة منذ فجر التاريخ والتي ستتواصل قرونا لا يعلم عددها إلا الله.
أن يختزل كل هذا في نظام سياسي فاقد الهيبة وفاقد الشرعية فوالله إنه العجب العجاب. يا كتبة مثل هذه العبارات السخيفة اعلموا أن النظام المصري هو الذي منع الداء عن غزة منذ سنة وهوالذي يصرف أموالا المصريون بأمس الحاجة إليها لإقامة جدار العار…لا مصر التي يتغتصب شرعية الحديث باسمها عبر انتخابات يعلم الكل طبيعتها.
عوض الانخراط في كذبة النظام المصري وتمريرها بسذاجة والانخراط فيها لاشعوريا أي أنه فعلا مصر وعلى الأقل .الناطق الشرعي باسمها ، كان أحرى بكم التعمق في سبب العملية الإجرامية الأخيرة.
إن فهمها يمرّ بتذكّر السراتجيات الثلاث للنظام المصري – وهي نفسها لكل نظام عربي 1- البقاء في السلطة أيا كانت التبعات 2- البقاء في السلطة بأي ثمن 3- البقاء في السلطة مهما كانت الظروف
في إطار هذه الستراتجيات الثلاث يمكن فهم العملية وتوقع ما أبشع منها .
يجب أن يكون حاضرا دوما للأذهان أن مثل هذا النظام يعرف أن بقاؤه رهن بتحقيق شرطين
1- تواصل السند الخارجي أي الأمريكي الإسرائيل وهذا يمر بالانخراط في خطتهما: الاستسلام لا السلام .
2- كسر شوكة وروح المقاومة وإخماد نارها داخل مصر وعلى حدودها . ويتصادف في حالة غزة تبخر الفارق بين الداخل والخارج بما أن النظام المصري يعتبر حماس شقا مسلحا من الإخوان المسلمين الذي يعتقد – خطأ- أنهم يشكلون خطرا على اسراتجيته الثلاثة وبالتالي فإن كسرهم في غزة هو تحقيق نصر على أعداء الداخل. الاستنتاج من كل هذا ؟
الكف عن تحميل مصر ما لا ذنب لها فيه وهي قبل فلسطين ضحية نظام خصخص، ككل نظام عربي آخر، الوطن والوطنية….رمي الجسور بين المجتمعات المدنية والشعوب العربية التي أصبح النظام السياسي العربي الفاسد عاملا بالغ الخطورة في التفريق بيها ورميها في أعناق بعضها البعض وتنمية الفرقة والكراهية بينها…التمسك بخيار المقاومة السلمية للتعجيل بنهاية النظام السياسي العربي الفاسد…استغلال كل الأخطاء التي يرتكبها هذا النظام الآيل للسقوط للتعجيل بنهايته. ما لا يدركه النظام الحالي في مصر أنه في الوضع الذي عاشه نظام فاروق وقد بلغت القطيعة بينه وبين الشعب والأمة عمقا غير قابل للتجسير…ويومها أيضا كانت فلسطين هي الشرارة