إلى الذين أمروا بإطلاق النار على مظاهرات سيدي بو زيد وغيرها
الجمعة 24 كانون الأول (ديسمبر) 2010
شعار كاتب هذه السطور كان وسيبقى : عندما تكون موازين القوى ضدّي لا استسلم وعندما تكون لصالحي لا أنتقم ومن ثم الفكرة التي دافعت عنها في أكثر من مقالة و حاولت أن اقنع به طيف المعارضات العربية والتونسية أي التعهّد بعدم المتابعة إذا لم تلجأ السلطات الآيلة للزوال لحمام الدم هلعا وخوفا ومواصلة للحسابات الخاطئة التي أوصلتها وأوصلتنا جميعا لعنق الزجاجة لأن الهام طبعا المرور من الاستبداد إلى الديمقراطية بالمقاومة المدنية والأهم الانتقال إليها بأقل تكلفة من الدم والدموع .
أما في الحالة المعاكسة فإننا سنعتبر كل إنسان يسقط برصاص البوليس أو الجيش ضحية جريمة قتل مع سابق الإضمار ويجب على العدالة أن تفتح في كل حالة تحقيقا مستقلا ومتابعة من أمر بإطلاق النار ومن سهّل عملية القتل ومن نفّذها.
إنه بالطبع أمر لا يتصوّره أناس يعتقدون أن للدولة الاستبدادية التي يقودونها حق القتل وحق الكذب وحق الفساد بما أنها الدولة. المشكلة أن العالم تطوّر والذين يحكموننا لا زالوا على فهمهم البدائي للسلطة وكأنّ الإشارات الحمراء التي تتدافع من كل حدب وصوب لا تعنيهم: شراسة الإعلام في تتبع الجرائم …سقوط مبدأ عدم المحاسبة…تصاعد قوة المجتمعات المدنية …نشوء المحكمة الجنائية الدولية.
للذين قتلوا الشاب محمد عماري في مظاهرات سيدي بوزيد بتونس يوم 24 ديسمبر 2010 أي كل الذين أمروا بإطلاق النار ونفذوه أقول أننا نحن التونسيون سنبدأ في جمع وثائق القضية وسنبدأ برفع القضية أمام القضاء ” المستغل” لنسجّل عليه رفضه وليصبح هو الأخر منخرطا في الجريمة ثم بعدها سنلتجئ إلى أي محكمة دولية تنصفنا بانتظار أن يكون لنا قضاء مستقل يفصل في الجريمة ولو بعد سنوات.
متى سيفهم حاكم قرطاج وبقية الحكام العرب أن عهد إطلاق الرصاص على البشر كما لو كانوا كلابا ضالة قد انتهى وإن هذا لن يبعد النهاية وإنما يقربها وأنه لا خيار لهم غير إعادة بناء الجسور التي نسفوها مع ممثلي الشعب الحقيقيين للمقايضة الناجحة الوحيدة رحيلهم بسلام وترك الناس تعيش بسلام لتعيد بناء كل ما خربوه. .