لا شيء جمعني أو سيجمعني يوما بحزب التحرير: لا المشروع، لا الأفكار، لا سلّم القيم ولا التصريحات غير المسؤولة الأخيرة.
لكن ما يتردّد عن محاولة حلّه وحديث البعض وإنكار البعض الآخر عن إحالة ملفّه على القضاء العسكري يشعل الأضواء الحمراء داخل وعيي لأنه يذكرني ببداية التسعينات.
آنذاك كانت النهضة هي الموجودة في فم المدفع ويومها وظّف أيضا ضدّها القضاء العسكري. وكما هو الحال اليوم صمت الديمقراطيون وقد غلب عندهم كره النهضة على حبّ العدالة والإنسانية والديمقراطية.
كل هذه التجارب المريرة …كل هذا الزمن الضائع …كل هؤلاء الضحايا الأبرياء الذين ذهب التعذيب بشبابهم … كل هؤلاء الشهداء الأبرار… هو الثمن الباهظ الذي دفعته تونس الحبيبة لنصل إلى الوفاق الوطني الوحيد في تاريخنا والمتمثّل في دستور الثورة المجيدة.
من أهمّ وأبرز أفكار وقيم هذا الوفاق أنه لكل التونسيين الحق في التنظم والرأي المخالف وهذا الحق مكفول للخصوم قبل الأصدقاء…لمن نكره وليس فقط لمن نحبّ وإلا ما معنى كل اللغو حول الديمقراطية والوحدة الوطنية.
ما ألاحظه عبر هذه القضية والكثير من المؤشرات السلبية الأخرى أننا بصدد مزيد من تبلور المفارقة الكبرى لهذه المرحلة من تاريخنا: جاءت الثورة بالديمقراطية وجاءت الديمقراطية بمن حاربوا الديمقراطية.
أن نراهم اليوم يحاولون الاعتداء عليها ليس بالمستغرب لأن ”ما بالطبع لا يتغيّر” و ”من شبّ على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه ”. المستغرب ألا يتذكّر بعض الناس أخطاء التسعينات وأنهم أكلوا يوم أكل الثور الأبيض.
لذلك أدعو كل القوى الديمقراطية إلى التصدّي لأي مسّ بحق الرأي والتنظم مهما كانت التجاوزات المرتكبة وإحالة هذه التجاوزات على قضاء مدني مستقلّ قولا وفعلا والتخلص نهائيا من فكرة إقحام المؤسسة العسكرية في الخلافات والتجاوزات السياسية .
على كل حال لا خيار لنا والمعركة من أجل الديمقراطية لا زالت في بدايتها خلافا لتوقعاتنا إلا أن نجعل شعارنا: إذا عادت الأفعى عدنا لها بالنعال.
إذا عادت الأفعى عدنا لها بالنعال
[:ar]