في لقاء مع جريدة الدولية 7 أفريل 2011
الاربعاء 13 نيسان (أبريل) 2011
الدولية تلتقي منصف المرزوقي رئيس حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية”
كثرة الأحزاب مرحلة عابرة.. وأنا لا أخشاها
حاوره: عوض سلام
سافر إلى فرنسا ليدرس في جامعة ستراسبورغ، كلية علم النفس ثم الطب. في عام 1970 شارك في مسابقة عالمية للشبان بمناسبة مئوية المهاتما غاندي لتقديم نص عن حياة الرجل وفكره، فازت مشاركته ليحل ضيفاً على الحكومة الهندية لمدة شهر وليتجول فيها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. في سنة 1975 سافر إلى الصين ضمن وفد لمعاينة تجربة الطب في خدمة الشعب في الصين. ثم عاد إلى تونس عام 1979 رغم إلحاح أقربائه على بقائه في فرنسا، وعمل أستاذاً مساعداً في قسم الأعصاب في جامعة تونس. وشارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع. اعتقل في مارس/آذار 1994 ثم أطلق بعد أربعة أشهر من الاعتقال في زنزانة انفرادية، وقد أفرج عنه على خلفية حملة دولية وتدخل من نيلسون مانديلا. وقد دعا إلى اعتماد كافة أساليب المقاومة السلمية لفرض الحقوق واستعادة الحرية. ثم أعلن عن عودته إلى تونس يوم 21 تشرين الثاني/أكتوبر لمشاركة التونسيين في نضالهم، وعاد المنصف المرزوقي إلى تونس يوم18 يناير 2011 .
الحوار معه اتسم بالسلاسة فهو لم يتوان عن الإجابة بـ”أنا” التي فاقت الخمس عشرة مرة خلال الحوار.. السيد منصف المرزوقي رئيس حزب “المؤتمر من اجل الجمهورية” الذي أثار جدلا كبيرا عندما أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، بينما دم الشهداء لم يجف. حول هذه الأمور وغيرها كان لـ”الدولية” هذا الحوار معه:
*عندما نتحدث عن منصف المرزوقي نستعرض تاريخا عريضا، وعقلية فكرية تعتمد إيدلوجية لينة سريعة الإندماج في المحيط الشعبي.. فماذا لو نتحدث عن هذه الشخصية قبل الثورة المباركة ونلقي الضوء على نضالها؟
أنا إبن الشعب، من طبقة فقيرة، تتلمذت في المدرسة الصادقية التي كانت خاصة بالنخب في تلك الفترة حيث كان الفقراء لا يكسبون فرصة التعليم آنذاك ثم أكلمت دراستي للطب في فرنسا وكان بإمكاني البقاء هناك وأن أصبح طبيبا مشهورا ولكن فضلت العودة إلى بلادي. عملت لمدة عشرين عاما في الطب الشعبي والوقائي كأستاذ بكلية الطب في سوسة و انفتحت على التثقيف الصحي وعلاج الفقراء وهذا ما ربيت عليه أجيالا من الطلبة وأنا فخور بهذه التجربة التي دمرتها الديكتاتورية لأنها التصقت باسمي ولم يراعوا مصلحة الشعب. كما ناضلت من أجل حريات وحقوق هذا الشعب كرئيس لرابطة حقوق الإنسان. وعلى الصعيد القومي كنت من المؤسسين للجنة العربية لحقوق الإنسان، وعلى الصعيد الإفريقي ناضلت للدفاع عن حقوق الطفل في أفريقيا. أي أن هاجسي كان دائما الدفاع عن كرامة الإنسان سواء كان على الصعيد الحقوقي أو السياسي.
كما كانت الكتابة هي العمل المكمل لهذا النضال باعتبار أنني لا أفصل بين النظري و العملي فالنظرية بالنسبة لي هي التي تمهد للعمل على الأرض، والعمل هو الذي يغذي النظرية،لذا فقد حاولت قدر الإمكان أن أكون فاعلا ومُنظرا فكتبت أكثر من 20 كتابا خمسة منها باللغة الفرنسية لأدافع عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان و عن ظاهرة تجذير هذه القيم في الثقافة العربية الإسلامية وأعتبر أنني طيلة هذه السنوات لست إلا إنسانا يرد الدَين لمن أخذت منهم العلم والمعرفة سواء في المدرسة أو في الجامعة وإن شاء الله يأتني جيل ممن تتلمذوا على يدي سواء في كلية الطب أو في مجال حقوق الإنسان ويردون الدَين أيضا. أي أنني أضع نفسي في نسق تاريخي جيلا بعد جيل حيث أقوم بدوري وأسلم المشعل لمن بعدي وهم بدورهم يسلمون المشعل لمن بعدهم وهكذا دواليك.
* دعوتم عام 2006 إلى اعتماد كافة أساليب المقاومة السلمية لفرض الحقوق واستعادة الحرية.. وكان ذلك في مداخلة لكم حول الوضع في تونس. ورغم أنكم غادرتم البلاد عام2001 فهل تجسدت لديكم رؤية معينة بعد هذه السنوات من السكون حتى تطلقوا مثل هذا النداء عام 2006؟
عام 2001 اقتنعت بأن هذا النظام الاستبدادي سواء على صعيد تونس أو على صعيد الوطن العربي غير قابل للإصلاح لذلك أطلقت هذه الكلمة التي أصبحت مشهورة وهي”هذا النظام لا يَصلح ولا يُصلح”. إذن كيف نواجه هذا النظام؟ كان هناك خياران، إما المقاومة المسلحة، أو المدنية. وبحكم كوني طبيبا ومن تلاميذ “مانديلا” و”غاندي” فلا يمكن أن أركن إلى العنف خاصة وأن التجربة الجزائرية كانت واضحة وأثبتت أن الديكتاتورية لا تعيش إلا بالعنف بل تختلقه حتى تبرر وجودها لذا كانت المقاومة السلمية هي الخيار من الناحية الأخلاقية والتكتيكية، فآلية المقاومة السلمية والمدنية هي المرجحة حتى لا تعطي الذريعة لآليات الدكتاتوريات للعمل المسلح ضدها. لذا فقد وصلت إلى أن الحل الوحيد لإسقاط الديكتاتوريات هو المقاومة المدنية وكنت على علم أنه سيأتي اليوم لسقوطها. وبما أن الدكتاتوريات تمنع حرية الرأي فالتكنولجيات الحديثة تمكنك من إيصال الرأي إلى كل مكان و بينما كانوا يمنعوني من إلقاء محاضرة أمام مئة شخص في تونس فباستخدام الإنترنت كنت أصل إلى مليون شخص حيث كنت أفهم أن الآليات الحديثة قضت على أهم ركائز الديكتاتورية ألا وهي قمع حرية الرأي. وبينما كانت تمنع الديكتاتورية حرية التنظيم، فالآن الناس أصبحوا عن طريق “الفايس بوك” قادرين على التنظيم والدعوة إلى التجمهر والتجمعات الشعبية.
كل هذا جعلني أطالب التونسيين في مداخلة على الجزيرة عام 2006 بالمقاومة المدنية و عدت إلى تونس آنذاك لأنه لا يمكن أن تكون لديك مصداقية و أنت تطالب بالمقاومة من الخارج ووُضعت تحت الإقامة الجبرية طيلة شهرين واضطررت للرحيل وعيا مني بأنني لن أستطيع فعل شيء. الشعب لم يتحرك آنذاك لآن ظروف الإنفجار لم تكن متوفرة،لكنني كنت على يقين أنه سيأتي الزمن الذي تتوفر فيه هذه الظروف فبما أن الديكتاتوريات لا تُصلح ولا تَصلح ومتجهة إلى الزوال فستوفر شروط رحيلها وستكدس الحطب من حولها وستأتي الشرارة يوما. وكنت صاحب نظرية “الحطب اليابس” الذي سيلتهم هذه الدكتاتورية لكن لم أكن أتوقع أن الشرارة ستأتي من “سيدي بوزيد” ومن شخص اسمه “البوعزيزي” حيث كان مكننا أن تأتي الشرارة من أي مكان. إذن تحليلي للوضع هو الذي أصبح يقينا، وكل الذين راهنوا على إصلاح هذه الدكتاتوريات وكل هذه النظريات سقطت وسقط أصحابها. لذا فأنا سعيد بأنني ساهمت في التحريض بـ”الفايس بوك” وبالكتابات والخطابات عبر “الجزيرة” إلى آخره.. لهذه الثورة في جزء منها وأنا قطرة من نهرها الهادر ولست زبدا على سطحها. فأنا وأصدقائي في “المؤتمر من أجل الجمهورية”لعبنا دورا هاما رغم قلة عددنا في هذه الثورة، ومنهم عبد الرؤوف العيادي، محمد عبو، وسمير بن عمر والعديد من الشخصيات الوطنية كانت في صلب المعركة من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي فنحن لعبنا دورا في هدم الديكتاتورية والآن جاء دورنا في بناء الديمقراطية وهذا تحد آخر و يتطلب منا جهدا كبيرا.
* كنتم أول من رشح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة في تونس رغم أن الثورة لازالت في أوجها. فهل تعتقدون أنه من الحنكة السياسية إطلاق مثل هذا الترشح في هذا التوقيت؟
الحنكة السياسي ربما كانت تقتضي أن أكون أكثر نفاقا ومداهنة وخبثا مثل العديد الذين أتقنوا ذلك. وعندما ألقي علي سؤالا واضحا في إطار تقييم عام للثورة:”هل ستترشح للانتخابات الرئاسية القادمة؟” كانت إجابتي وإلى اليوم لا أبدل منها كلمة والتي اختصرت:”عندما تحقق الثورة أهدافها وعندما تعود السيادة إلى الشعب، وعندما يتوفر دستور يحمي الحريات، وعندما تتوفر كل الظروف لانتخابات حرة ونزيهة تعطي لكل التونسيين والتونسيات الحق في الترشح سأمارس حقي ككل الناس”. هذه كانت إجابتي واختصرت هذه الإجابة وقيل أن “المرزوقي يعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة” وأصبحت في كل نقاش مضطرا للرد على هذا السؤال. والآن أكرر كلامي، فعندما يُنتخب المجلس التأسيسي – الذي دافعت عن وجوده – ويختار نظاما برلمانيا أو رئاسيا.. نعم نعم سأمارس حقي في الترشح للانتخابات الرئاسية وأنا لا أعتبر أن هذا الكلام مسا من هيبة الثورة باعتباري أنني كنت رمزا من رموزها وواحدا من الذين ساهموا فيها. وقد ترشحت ضد بن علي عام 1994 وسُجنت آنذاك لأنني تحديته واستعملت حقا من حقوق المواطن وطرح علي هذا السؤال في 2004 وقلت أبدا لن أترشح لأن ليست هناك ظروف للترشح. لذلك فأنا في حل من ضميري ولا أعتبر هذا انتهازا أو محاولة للركوب على الثورة.
* على أية خلفية تراءت لكم فكرة إعلان هذا الترشح بينما البلاد مقبلة على تغيير شامل يبدأ من الشارع مرورا إلى الدستور وصولا إلى كرسي الرئاسة؟
أنا من المنادين بالقطع مع الديكتاتورية السابقة لذلك ففهمي لمنصب الرئاسة يختلف عن منطق بن علي والديكتاتورية. فيجب أن يحمي الدستور المواطنين من عودة الاستبداد. كيف ذلك؟ لا بد أن يكون القضاء مستقلا وأن تكون الانتخابات البرلمانية حرة ونزيهة وأن يكون لدى البرلمان السلطة في تشريع القوانين. وفيما يخص الجهاز التنفيذي يجب أن تقسم السلطة بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية حتى لا يستطيع أحد أن يكون ديكتاتورا. والذي لا يعلمه الناس أن النظام البرلماني لا يمكن أن يكون – آليا – نظاما ديمقراطيا، فهتلر لم يكن رئيس جمهورية بل كان رئيس حكومة دخل في انتخابات برلمانية ثم استولى على السلطة، وموسيليني، وأنديرا غاندي كذلك. إذن النظام البرلماني ليس بالضرورة يحمي الشعب من الاستبداد، لذلك لابد من خلق توازن بين منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية حتى لا يصبح أحد ديكتاتورا وهذا يتطلب إعادة توزيع السلطات داخل الجهاز التنفيذي وأنا مع مثل هذا النظام ولست مع نظام رئاسي مطلق يتحكم فيه الرئيس في كل السلطات.
*ما هي الملامح أو المؤشرات التي أعطتكم الضوء الأخضر بأن هناك قاعدة شعبية لكم والتي جعلتكم تعلنون هذا الترشح؟
منصف المرزوقي يعرفه الناس كطبيب ومفكر ومثقف وتعرفه أيضا كحقوقي وسياسي وليس مجرد إنسان يريد فقط الوصول إلى كرسي الرئاسة. فلا تختزلني في فكرة شخص ليس له هاجس إلا الوصول إلى كرسي الرئاسة. وأنا أينما ذهبت أجد ترحيبا كبيرا.
* لكنكم كنتم كمن انقض على “صيد وهمي” فارتطمت رأسه بالحائط حينما تواجدتم في ساحة الحكومة. فما حقيقة ما حدث هناك؟
– العملية القذرة التي نُصبت لي في القصبة كانت اعتداءً مدبرا وبعض الإعلاميين كانوا ينتظرونها لأنها مدبرة. وهناك أكاذيب قيلت أنني تعرضت إلى نفس المعاملة في القصرين بل على العكس فأنا اشعر بأمان وإطمئنان وأتحرك داخل الشارع بكل طمأنينة والناس تعرف شعبيتي وإن شاء الله إذا ما وصلنا إلى هذه الانتخابات فأنا على ثقة في أن كل التونسيين سيشرفوني بثقتهم.
*أنتم الآن أمام زخم سياسي يتراوح بين العلمانية واللائكية والسلفية الجهادية. فإلى أي منحى ستتجهون إذا ما فرضت عليكم طبيعة المرحلة العمل مع هذه التوجهات؟
الخط الأحمر بالنسبة إلينا هو سياسي وليس عقائديا، أي أن من هم داخل الخط الديمقراطي فهم حلفاؤنا بطبيعتهم مهما كانت مرجعيتهم الدينية وكل من هم ضد الديمقراطية لن نتحالف معهم مهما كانت مرجعيتهم. فنحن لدينا خيارات سياسية ألا وهي الهوية العربية الإسلامية والحقوق الإقتصادية والاجتماعية وخاصة للمناطق المحرومة والعمل على إقامة الاتحاد العربي لأننا نعتبر أن تونس ليست لها مكان إلا داخل أوسع منظومة وهي المنظومة العربية وقد آن الأوان لتحقيق هذه المنظومة بعد أن انهارت الديكتاتورية التي كانت تقف حائلا أمامها. فكل الأطراف التي ستتفق معنا في هذه الخيارات، وسنجد الكثير منها، سنعمل معها لأننا نعتبر أن المرحلة السياسية التي نعيشها قد أنهت نهائيا خرافة الزعيم الأوحد والحزب القائد والإيدلوجيا التي لا يمكن أن يأتيها الباطل من أمامها أو خلفها. واليوم الكثير من الأحزاب تتشارك نفس الأفكار والمفاهيم التوجهات، والديمقراطية ليست حكرا على أحد وكذلك الهوية العربية الإسلامية والعدالة الاجتماعية لذا أرى أن مستقبل الحكومات هو حكومة الوحدة الوطنية التي تجمع أكبر قدر ممكن من التيارات لتحقيق الأهداف السياسية.
* أشرتم إلى أن الشعوب العربية تستطيع خلال الأشهر القليلة القادمة أن تنشئ اتحادا فيدراليا يشبه إلى حد كبير الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد الثورات العربية التي أطاحت بالنظامين في مصر وتونس. ألا تتصورون أن رحيل الأنظمة الديكتاتورية ممكن أن يكون مرحلة انتقالية من ديكتاتوريات هرمت إلى ديكتاتوريات جديدة قد تطيح بآمال الوحدة العربية؟
الفكر الوحدوي العربي كان مطبوعا بالفكر الاستبدادي. ففي الفكر القومي القديم تجد أن الزعيم المنقذ هو جمال عبد الناصر أو صدام حسين أو القذافي كما تجد فكرة الحزب القائد مثل البعث أو غيره، وهذه منظومة كانت تريد أن تبلور الوحدة العربية عبر نموذج مطبوع بالاستبداد وهذا النموذج انتهى لأن الاستبداد حتى وإن كان باسم القومية منع الوحدة العربية فعندما وُجدت ديكتاتورية في العراق وأخرى في سوريا رغم أنها تتقاسم فكر العروبة منعت الوحدة حتى بين العراق وسوريا لأن الديكتاتوريات لا تتحد لأن كل منها لا يريد تدخل الآخر في”مملكته”. المهم أن تكون الحكومات ديموقرطية. انظر إلى الاتحاد الأوروبي هناك ملكيات وجمهوريات ولكن المهم أن تكون ملكيات ديمقراطية وجمهوريات ديمقراطية وكل شعب يحافظ على خصوصيته ويجتمعون في فضاء مشترك في العلاقات الخارجية والاقتصاد وفتح العلاقات لتحرك الأشخاص بحريّة بين البلاد. وأعتقد أننا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك ويجب أن ننتظر حتى تتحرر كل الشعوب العربية حيث لا يمكن أن تكون هناك وحدة إلا بين شعوب أحرار وإذا ما تحرر الشعب الليبي بإمكاننا بدء نواة الاتحاد العربي بتونس وليبيا ومصر ومن ثم الانفتاح على كل شعب عربي يتحرر للدخول في هذا الاتحاد.
* وماذا عن التدخل الأوروبي والأمريكي في ليبيا ألسنا أمام عراق جديد؟
التدخل الأوروبي في ليبيا سينتهي بعد تحرر الشعب ولا أعتقد أن الأوروبيين سيغامرون بالاستمرار في التواجد هناك. فنحن ضد أي تواجد أجنبي على أرض ليبيا واعتقد بأنه بعد سقوط الديكتاتورية في ليبيا وإقامة ديمقراطية شعبية ستخرج تلك القوات. وفي تونس ومصر أقمنا ثورات شعبية ونجحنا في إسقاط الديكتاتوريات دون أي تدخل أجنبي، لكن للأسف لم يتمكن الليبيون من ذلك، لكن إذا ما تحرر الشعب الليبي باستطاعتنا بدء نواة الاتحاد العربي مثلما بدأ الاتحاد الأوروبي فبعد أن تقوم الانتخابات الرئاسية وتوضع الحكومات في مصر وليبيا وتونس نستطيع البدء وهذا ضمن مشروعي السياسي.
* ما هو تقييمكم للمرحلة التي وصلت إلى تونس منذ إندلاع الثورة حتى الآن؟
الشارع التونسي لديه مطلبين: الأول: عدم الالتفاف على الثورة وهناك خشية مما يسمى بالثورة المضادة لأن هناك فلولا من النظام القديم والبوليس السياسي ورجال الأعمال يحاولون العودة بنا إلى الوراء. المطلب الثاني: هو عودة الاستقرار من أجل عودة الاستثمار الخارجي والسياحة… هذان المطلبان لابد أن ينتبه إليهما أي رجل سياسي لأن الانتباه إلى إحداها وإغفال الآخر يعتبر خطأ.
* وما رأيكم في الفسيفساء الحزبية التي أصبحت متواجدة على الساحة السياسية في تونس؟
بالنسبة للفسيفساء الحزبية لا أخشاها لأنني أعرف أنها مرحلة عابرة. ففي تاريخ الثورات وعلى سبيل المثال في اليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح فيها أكثر من 400 حزب بقي منها ثلاثة، وفي البرتغال بعد ثورة 1975 أصبح هناك 80 حزبا بقي منها أربع أو خمس أحزاب. نفس الشيء بالنسبة إلى تونس بعد الانتخابات كل هذه الاحزاب ستنتهي لأن الشعب التونسي يعرف من هي الأحزاب الحقيقية والأحزاب الكبرى هي التي قامت قبل الثورة وستتواصل مثل النهضة والعمال الشيوعي.. وغيرها مما كان لها وجود في الثورة .
*ما هي أجندا حزبكم بالنسبة للمرحلة القادمة؟
نحن الآن بصدد تركيز جامعات الحزب وسندعو إلى عقد مؤتمر في 24 و 25 جوان المقبل وخلاله سيتم اختيار رئيس جديد للحزب لأنني أريد الانسحاب تطبيقا لمبدأ التداول. وسنشرع في التحضير لانتخابات المجلس التأسيسي الذي نحاول من خلاله التعبير عن رأينا حول كيفية وضع دستور جديد وسنستعد لما سيسفر عنه المجلس التأسيسي من انتخابات سواء كانت تشريعية ورئاسية أو تشريعية فقط.
* في الختام، الثورة في كلمات من المرزوقي.
أنا فخور بهذه الثورة التي لأنها أول ثورة بدون صنم أو إيديولوجيا. ثورة شعب شاركت فيها كل الاجيال، ثورة الجميع، ثورة سلمية، ثورة بدلت المفاهيم المعروفة عن الثورات من الدم والعنف، فاضت على العالم العربي وتكاد تفر الدمع من عيني عندما استمع إلى النشيد الوطني التونسي يُردد في عديد البلدان.
وأنا سعيد بأن تونس هذا البلاد الصغير بعدد سكانه لعب هذا الدور الهام في دمقرطة العالم العربي والإسلامي.